فصل: كتاب الطلاق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا كَأَلْفٍ (وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبَهَا بِمَالٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَوْ لَا وَلَا مَالَ)، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَشَرْطًا بَلْ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الطَّلَاقِ، فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا الطَّلَاقُ، وَتَلْغُو فِي نَفْسِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَعَلَيَّ أَوْ وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِالْأَلْفِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ، فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ مِنْهَا عَلَى الِالْتِزَامِ وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ، فَإِذَا لَمْ يَأْتِي بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ حُمِلَ اللَّفْظُ مِنْهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ. (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَا يُرَادُ بِطَلَّقْتُك بِكَذَا، وَصَدَّقَتْهُ فَكَهُوَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ: فَتَبِينُ مِنْهُ بِالْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ وَيَكُونُ الْمَعْنَى، وَعَلَيْك كَذَا عِوَضًا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَالثَّانِي لَا أَثَرَ لِلتَّوَافُقِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ، فَكَأَنَّ لَا إرَادَةَ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ حَلَفَتْ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ، فَلَا حَلِفَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا حِلْفَ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّصْدِيقِ عَلَيْهِ، وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ. (وَإِنْ سَبَقَ) طَلَبَهَا لِلطَّلَاقِ بِمَالٍ كَأَلْفٍ، (بَانَتْ بِالْمَذْكُورِ) لِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ، فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ لَا الْجَوَابَ وَقَعَ رَجْعِيًّا، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَطَلَّقْتُك بِكَذَا فَإِذَا قَبِلَتْ) عَلَى الْفَوْرِ (بَانَتْ وَوُجُوبُ الْمَالِ). وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَثْبُتُ الْمَالُ، لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ شَرْطٍ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَضَايَاهُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَك، أَوْ عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا، وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا فَسَّرَ بِالْإِلْزَامِ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا أَيْ مَعَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ إرَادَةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ إنْكَارِهَا فِي قَوْلِهِ، وَلِي عَلَيْك كَذَا حَيْثُ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا قَطْعًا، لِأَنَّ الصِّيغَةَ هُنَا أَقْرَبُ إلَى الْإِلْزَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً فِيهِ مِنْ تِلْكَ، وَالْمُصَنِّفُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ سَاقَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ طَرِيقَةً لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ حِكَايَةً لِلْمَذْهَبِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَضَمِنَتْ فِي الْفَوْرِ بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ وَإِنْ قَالَ مَتَى ضَمِنْت)، لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَمَتَى ضَمِنْت طَلُقَتْ)، وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي وَمَتَى أَعْطَيْتنِي، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ قَبْلَ الضَّمَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ، (وَإِنْ ضَمِنَتْ دُونَ أَلْفٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، (وَلَوْ ضَمِنَتْ أَلْفَيْنِ طَلُقَتْ)، لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ مَزِيدٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ أَنَّهُ لَغْوٌ، لِأَنَّهَا صِيغَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَوَافُقُ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ ثُمَّ الْمَزِيدُ يَلْغُو ضَمَانَهُ، وَلَوْ نَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ فَالْحُكْمُ، كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَالْمَقْبُوضُ الزَّائِدُ عَلَى مَا عَلَّقَ بِهِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ. (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا، فَقَالَتْ طَلُقْتِ وَضَمِنْت أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ ضَمِنْت وَطَلُقْت، (بَانَتْ بِأَلْفٍ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا) بَيْنُونَةَ وَلَا مَالَ لِانْتِفَاءِ الْمُوَافَقَةِ، وَفِي الْمُوَافَقَةِ يُشْتَرَطُ وُجُودُ التَّطْلِيقِ، وَالضَّمَانِ عَلَى الْفَوْرِ، وَقِيلَ يَكْفِي وُجُودُهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إعْطَاءُ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ هُنَا الْقَبُولُ، وَالِالْتِزَامُ دُونَ الضَّمَانِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الْأَصَالَةِ. (وَإِذَا عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلُقَتْ)، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إيَّاهُ مِنْ الْقَبْضِ إعْطَاءٌ مِنْهَا، وَهُوَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبْضِ مُفَوِّتٌ لِحَقِّهِ، وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ (وَالْأَصَحُّ دُخُولُهُ) أَيْ الْمُعْطَى (فِي مُلْكِهِ) لِمُلْكِ الْمَرْأَةِ الْبُضْعَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِوَضَانِ يَتَقَارَنَانِ فِي الْمِلْكِ، وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُ فِي مُلْكِهِ لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ مُمَلِّكٍ مِنْ جِهَتِهَا بَعِيدٌ فَيُرَدُّ الْمُعْطَى وَيُرْجَعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ أَقَبَضْتنِي)، كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَقِيلَ) هُوَ (كَالْإِعْطَاءِ) فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِيهِ، وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ وَمِلْكُ الْمَقْبُوضِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالْإِعْطَاءِ، (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ) لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ أَلَا تَرَى، أَنَّهُ إذَا قِيلَ أَعْطَاهُ عَطِيَّةً فُهِمَ مِنْهُ التَّمْلِيكُ، وَإِذَا قِيلَ أَقْبَضَهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ ذَلِكَ (فَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَقْبُوضَ وَلَا يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِقْبَاضِ مَجْلِسٌ قُلْت وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ) وَهِيَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ (أَخْذُهُ بِيَدِهِ مِنْهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَمْنَعُ الْأَخْذُ كَرْهًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ الْمُقْتَضِي لِلتَّمْلِيكِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ وَقَالَ الْإِمَامُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَحَكَى فِي الْأَخْذِ كَرْهًا قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ. (وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةٍ سَلَمٍ فَأَعْطَتْهُ)، عَبْدًا (لَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ) أَوْ بِهَا (سَلِيمًا) طَلُقَتْ وَمَلَكَهُ الزَّوْجُ أَوْ (مَعِيبًا فَلَهُ) مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ، (رَدَّهُ) لِلْعَيْبِ (وَمَهْرُ مِثْلٍ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ سَلِيمًا)، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِعَبْدٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَلِيمٍ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْمُعْطَى بِخِلَافِ، مَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا فَقَبِلَتْ، وَأَعْطَتْهُ عَبْدًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ مَعِيبًا لَهُ رَدُّهُ، الْمُطَالَبَةُ بِعَبْدٍ سَلِيمٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ بِالْقَبُولِ عَلَى عَبْدٍ فِي الذِّمَّةِ، وَفِي وَجْهِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا يَرُدُّ الْعَبْدَ بَلْ يَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ. وَ (وَلَوْ قَالَ) فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ (عَبْدًا) وَلَمْ يَصِفْهُ (طَلُقَتْ بِعَبْدٍ) عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ (إلَّا مَغْصُوبًا فِي الْأَصَحِّ)، لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُ الْمَغْصُوبِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ بِالْمَغْصُوبِ كَالْمَمْلُوكِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الْمُعْطَى، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا لِمَا سَيَأْتِي فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ مُلْكِهَا لَهُ (وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ) بَدَلُ الْمُعْطَى لِتَعَذُّرِ مُلْكِهِ لَهُ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ عِوَضًا، وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَالْمَجْهُولُ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا، وَلَا يَأْتِي قَوْلٌ بِالرُّجُوعِ إلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنْ دُونَ مَتَى وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِثْلَهُ فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ مَغْصُوبُ الْبَعْضِ، وَلَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ دُونَ صِفَةِ السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ طَلُقَتْ، وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ بَدَلَهُ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَةً فَقَطْ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ فَلَهُ أَلْفٌ)، لِأَنَّهُ حَصَلَ بِتِلْكَ الطَّلْقَةِ مَقْصُودُ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْكُبْرَى (وَقِيلَ ثُلُثُهُ)، تَوْزِيعًا لِلْمُسَمَّى عَلَى الْعَدَدِ الْمَسْئُولِ، كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً، (وَقِيلَ إنْ عَلِمَتْ الْحَالَ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا طَلْقَةً، (فَأَلْفٌ) لِأَنَّ الْمُرَادَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَمِّلْ لِي الثَّلَاثَ، (وَإِلَّا فَثُلُثُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي قَالَهُ الْمُزَنِيُّ وَالْمُفَضَّلُ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى حَالَةِ الْعِلْمِ، وَالثَّانِي عَلَى حَالَةِ الْجَهْلِ، وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ، كَمَا سَأَلَتْ. (وَلَوْ طَلَبَتْ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ) طَلْقَةً، (بِمِائَةٍ وَقَعَ بِمِائَةٍ) لِرِضَاهُ بِهَا (وَقِيلَ بِأَلْفٍ) كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ، وَيَلْغُو ذِكْرُ الْمِائَةِ مُوَافَقَةً لَهَا، (وَقِيلَ لَا يَقَعُ) لِلْمُخَالَفَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ بِمِائَةٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، (وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي غَدًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَ غَدًا أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ) لِأَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهَا وَزَادَ بِتَعْجِيلِهِ فِي الثَّانِيَةِ، (بِمَهْرِ مِثْلٍ) قَطْعًا (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ بِالْمُسَمَّى). وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ الظَّاهِرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَوَجْهُ الْقَطْعِ بِهِ، بِأَنَّ هَذَا الْخُلْعَ دَخَلَهُ شَرْطُ تَأْخِيرِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ فَاسِدٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَيَسْقُطُ مِنْ الْعِوَضِ مَا يُقَابِلُهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَيَكُونُ الْبَاقِي مَجْهُولًا وَالْمَجْهُولُ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقِيلَ إنْ طَلَّقَهَا عَالِمًا بِبُطْلَانِ مَا جَرَى مِنْهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَا يَجِبُ مَالٌ، وَلَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الطَّلَاقِ وَقَعَ رَجْعِيًّا فَإِنْ اتَّهَمَتْهُ حَلَفَ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْغَدِ نَفَذَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ خَالَفَ قَوْلَهَا فَكَانَ مُبْتَدِئًا فَإِنْ ذَكَرَ مَالًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ.
(وَإِنْ قَالَ إذَا دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَدَخَلَتْ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ)، لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْقَبُولِ، وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، فَيَمْتَنِعُ مَعَهُ ثُبُوتُ الْمَالِ، فَيَنْتَفِي الطَّلَاقُ الْمَرْبُوطُ بِهِ، وَأَشَارَ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ، فَقَبِلَتْ إلَى اشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْقَبُولِ وَقَالَ الْقَفَّالُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْحَالِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (بِالْمُسَمَّى)، كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ. (وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَإِنْ قَبِلَهُ الطَّلَاقُ فَيُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْعِوَضِ وَيُرْجَعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَجِبُ بِالطَّلَاقِ، وَهُوَ فِي الْمُسَمَّى وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ فِي الْحَالِ، وَتَبِعَ الْمُحَرِّرُ فِي التَّرَدُّدِ فِي أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجْهَانِ وَيُقَالُ قَوْلَانِ. (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَرِهَتْ الزَّوْجَةُ) ذَلِكَ وَالْتِزَامُهُ الْمَالَ فَدَاءٌ لَهَا كَالْتِزَامِ الْمَالِ لِعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُسِيءُ الْعِشْرَةَ لَهَا، وَيَمْنَعُهَا حُقُوقَهَا وَسَوَاءٌ اخْتَلَعَهَا بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَمْ بِلَفْظِ خُلْعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ فَسْخٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِلَا سَبَبٍ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ، فَلَا يَصِحُّ طَلَبُهُ مِنْهُ.
(وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا وَحُكْمًا) فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ، فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ، فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلْأَجْنَبِيِّ طَلَّقْت امْرَأَتِي عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِك فَقَبِلَ، أَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ طَلِّقْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي، فَأَجَابَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ إجَابَةِ الزَّوْجِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ (وَلِوَكِيلِهَا) فِي الِاخْتِلَاعِ (أَنْ يَخْتَلِعَ لَهُ)، كَمَا لَهُ أَنْ يَخْتَلِعَ لَهَا بِأَنْ يُصَرِّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ يَنْوِيَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ وَلَمْ يَنْوِ قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَقَعَ لَهَا لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهَا. (وَلِأَجْنَبِيٍّ تَوْكِيلُهَا) فِي الِاخْتِلَاعِ (فَتَتَخَيَّرُ هِيَ) أَيْضًا بَيْنَ الِاخْتِلَاعِ لَهَا وَالِاخْتِلَاعِ لَهُ بِأَنْ تُصَرِّحَ أَوْ تَنْوِيَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَطْلَقَتْ وَقَعَ لَهَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَحَيْثُ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ عَنْهَا أَوْ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَالزَّوْجُ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا طَالَبَ الْمُبَاشِرَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ حَيْثُ نَوَى الْخُلْعَ لَهُ. (وَلَوْ اخْتَلَعَ رَجُلٌ وَصَرَّحَ بِوَكَالَتِهِ كَاذِبًا) فِيهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَرْبُوطٌ بِالْمَالِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَأَبُوهَا كَأَجْنَبِيٍّ فَيَخْتَلِعُ بِمَالِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (فَإِنْ اخْتَلَعَ بِمَالِهَا وَصَرَّحَ بِوَكَالَةِ) عَنْهَا كَاذِبًا (أَوْ وِلَايَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ فِي ذَلِكَ وَلَا وَكِيلٍ فِيهِ، (أَوْ بِاسْتِقْلَالٍ فَخَلَعَ بِمَغْصُوبٍ)، لِأَنَّهُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي مَالِهَا غَاصِبٌ لَهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ بَدَلُ الْمَالِ الْمَبْذُولِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ فِي اخْتِلَاعِ الْأَمَةِ بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ كَأَنْ اخْتَلَعَهَا بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مَالِهَا بِمَا ذَكَرَ، كَمَا فِي خُلْعِ السَّفِيهَةِ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ الْخُلْعِ بِمَغْصُوبٍ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَائِنًا وَيَعُودُ الْقَوْلَانِ فِي الْوَاجِبِ.

. فَصْلٌ:

(ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَإِنْ أَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةَ رَجُلَيْنِ قُضِيَ بِهَا وَلَا مَالَ لِأَنَّهُ يُنْكِرُهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ وَيَعْتَرِفَ بِالْخُلْعِ، فَيَسْتَحِقَّهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا فَقَالَتْ) طَلَّقْتنِي (مَجَّانًا بَانَتْ) بِقَوْلِهِ (وَلَا عِوَضَ) عَلَيْهَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ، وَلَهَا النَّفَقَةُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ أَوْ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثَبَتَ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ عِوَضِهِ أَوْ قَدَّرَهُ) أَوْ صِفَتَهُ كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى دَنَانِيرَ، فَقَالَتْ بَلْ عَلَى دَرَاهِمَ، أَوْ قَالَ عَلَى مِائَتَيْنِ فَقَالَتْ بَلْ عَلَى مِائَةٍ، أَوْ قَالَ عَلَى صِحَاحٍ فَقَالَتْ بَلْ عَلَى مُكَسَّرَةٍ، (وَلَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، (تَحَالَفَا) كالمتبايعين فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ ثُمَّ يَفْسَخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ الْعِوَضَ وَتَبَيَّنَ. (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ سَقَطَتَا، وَفِي قَوْلٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ كَأَنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ بِأَلْفٍ فَأَجَبْتنِي وَقَالَ بَلْ سَأَلْت وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَأَجَبْتُك تَحَالُفًا، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَالْقَوْلُ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ خَالَعَ بِأَلْفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا) مِنْ نَوْعَيْنِ مَثَلًا بِالْبَلَدِ لَا غَالِبَ مِنْهُمَا كَدَرَاهِمَ فِضَّةٍ أَوْ فُلُوسًا (لَزِمَ) إلْحَاقًا لِلْمَنْوِيِّ بِالْمَلْفُوظِ (وَقِيلَ) لَزِمَ (مَهْرُ مِثْلٍ)، لِلْجَهَالَةِ فِي اللَّفْظِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ جَزْمًا (وَلَوْ قَالَ أَرَدْنَا بِالْأَلْفِ دَنَانِيرَ فَقَالَتْ بَلْ دَرَاهِمَ) فِضَّةً (أَوْ فُلُوسًا) وَيَعْرِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُرَادَ الْآخَرِ بِالْقَرِينَةِ (تَحَالَفَا عَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحُّ وَهُوَ لُزُومُ الْمَنْوِيِّ كَالْمَلْفُوظِ، لِأَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ، (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ بِلَا تَحَالُفٍ فِي الثَّانِي) لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ، (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)..

. كتاب الطلاق:

يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ التَّكْلِيفُ، فِي الْمُطَلِّقِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا فَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، (إلَّا السَّكْرَانَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ، كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ قَالَ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ حَالَ السُّكْرِ، وَمُرَادُنَا هُنَا أَيْ حَيْثُ لَمْ يُسْتَثْنَ، أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ انْتَهَى، وَانْتِفَاءُ تَكْلِيفِهِ لِانْتِفَاءِ الْفَهْمِ، الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ، فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَنُفُوذُ طَلَاقِهِ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ، بِالْأَسْبَابِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَأَجَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْجُوَيْنِيُّ، وَغَيْرُهُ فِي تَكْلِيفِ السَّكْرَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ هُوَ فِي أَوَائِلِ السُّكْرِ وَهُوَ الْمُنْتَشِي لِبَقَاءِ عَقْلِهِ.
(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ)، وَالْكِنَايَةُ مَا تَحْتَمِلُ مَعْنَى الصَّرِيحِ وَغَيْرِهِ، (فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ) لِاشْتِهَارِهِ فِيهِ لُغَةً وَشَرْعًا، (وَكَذَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ، بِمَعْنَاهُ قَالَ تَعَالَى: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، وَقَالَ {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا اشْتِهَارَ الطَّلَاقِ، وَيُسْتَعْمَلَانِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَمِثَالُ لَفْظِ الطَّلَاقِ، (كَطَلَّقْتُك وَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ)، بِفَتْحِ الطَّاءِ (وَيَا طَالِقُ لَا أَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَصَادِرَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَعْيَانِ تَوَسُّعًا فَيَكُونَانِ كِنَايَتَيْنِ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرَ فَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا صَرِيحَانِ، وَأَنْتِ مُفَارَقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَيَا مُفَارَقَةُ وَيَا مُسَرَّحَةُ، فَهِيَ صَرِيحَةٌ وَقِيلَ كِنَايَةٌ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِي الْقُرْآنِ، مِنْ اللَّفْظَيْنِ الْفِعْلُ دُونَ الِاسْمِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} وَأَنْتِ فِرَاقٌ وَالْفِرَاقُ وَسَرَاحٌ وَالسَّرَاحُ فَهِيَ كِنَايَاتٌ فِي الْأَصَحِّ، (وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كِنَايَةُ اقْتِصَارٍ فِي الصَّرِيحِ عَلَى الْعَرَبِيِّ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَتَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، (وَأَطْلَقْتُك وَأَنْتِ مُطْلَقَةٌ) بِسُكُونِ الطَّاءِ (كِنَايَةٌ) لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ (وَلَوْ اشْتَهَرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحُلَّالِ) بِالضَّمِّ (أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) عِنْدَ مَنْ اشْتَهَرَ عِنْدَهُمْ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَحُصُولِ التَّفَاهُمِ بِهِ عِنْدَهُمْ، (قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ وُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ وَتَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ وَلَيْسَ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ أَمَّا مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَهُمْ، فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ أَنْت حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَهُوَ كِنَايَةٌ قَطْعًا.
(وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ بَرِّيَّةٌ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ (بَتَّةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَتْرُوكَةُ النِّكَاحِ (بَائِنٌ) أَيْ مُفَارَقَةٌ (اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا، وَغَيْرُهَا وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَغْوًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحِلًّا لِلْعِدَّةِ، وَاسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ (أَلْحِقِي بِأَهْلِك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخْلَى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعُنُقِ لِيَرْعَى كَيْفَ يَشَاءُ لَا أَنْدَهُ سَرْبَك أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك وَالسَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْإِبِلُ، وَمَا يُرْعَى مِنْ الْمَال وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ (اُعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ (دَعِينِي وَدَعِينِي) لِأَنَّك مُطَلَّقَةٌ (أَوْ نَحْوُهَا) كَتَجَرَّدِي أَيْ مِنْ الزَّوْجِ وَتَزَوَّدِي اُخْرُجِي سَافِرِي لِأَنِّي طَلَّقْتُك. (وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَعْتَقْتُك أَوْ أَنْت حُرَّةٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ طَلَّقْتُك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ (وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسِهِ)وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ مُمْكِنٌ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ (وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت عَلَيَّ حَرِيمٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ) أَيْ الْمَنْوِيُّ لِأَنَّ الظِّهَارَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ إلَى أَنْ يُكَفِّرَ فَجَازَ أَنْ يُكْنِيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ وَالطَّلَاقُ سَبَبُ الْمَحْرَمِ وَهَذَا الطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ. وَإِنْ نَوَى فِيهِ عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ (أَوْ نَوَاهُمَا) أَيْ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ مَعًا (تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ) مِنْهُمَا (وَقِيلَ) الْوَاقِعُ (طَلَاقٌ) لِأَنَّهُ أَقْوَى بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ (وَقِيلَ ظِهَارٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ، وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ (أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا) أَوْ فَرْجِهَا أَوْ وَطِئَهَا (لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ، (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ «قِصَّةِ مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَهِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ»نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك}، إلَى أَنْ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةَ أَيْمَانِكُمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ، وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ. (وَكَذَا) عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، (إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي) ذَلِكَ اللَّفْظُ مِنْهُ، (لَغْوٌ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَحْوَهُ إذَا اشْتَهَرَ عِنْدَ قَوْمٍ لِلطَّلَاقِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ، عِنْدَهُمْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فَإِذَا نَوَى بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ.
(وَإِنْ قَالَهُ) أَيْ أَنْت عَلَيَّ، حَرَامٌ أَوْ نَحْوُهُ (لِأَمَتِهِ وَنَوَى عِتْقًا ثَبَتَ) أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا إذْ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَمَةِ (أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ لَا نِيَّةَ) لَهُ (فَكَالزَّوْجَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَطْعًا فِي الْأُولَى، وَعَلَى الْأَظْهَرِ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ قَطْعًا لِأَنَّ الْأَمَةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي وُرُودِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، (وَلَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ)، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَالْأَمَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.
(وَشَرْطُ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ)، وَيَنْسَحِبُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَكْفِي بِآخِرِهِ، لِأَنَّهُ وَقَّتَ الْوُقُوعَ، فَلَوْ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ لَغَتْ قَطْعًا وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِأَوَّلِ اللَّفْظِ دُونَ آخِرِهِ أَوْ عَكْسُهُ طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي اقْتِرَانهَا بِأَوَّلِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، (وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغْوٌ) لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ، وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فِيهِ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا. (وَقِيلَ كِنَايَةٌ لِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا) فِي الْجُمْلَةِ (وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ فِي الْعُقُودِ) كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا. (وَالْحُلُولُ) كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا لِلضَّرُورَةِ، (فَإِنْ فُهِمَ طَلَاقُهُ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، وَإِنْ اُخْتُصَّ بِفَهْمِهِ فَطِنُونَ) أَيْ أَهْلُ الْفَطِنَةِ وَالذَّكَاءِ (فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِإِشَارَتِهِ الْمُفْهِمَةِ نَوَى، أَوْ لَمْ يَنْوِ وَلَيْسَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحٌ لِوَاحِدَةِ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ وَمَا ذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ، يُقَالُ فِي غَيْرِهِ. (وَلَوْ كَتَبَ نَاطِقٌ طَلَاقًا) كَأَنْ كَتَبَ زَوْجَتِي طَالِقٌ، (وَلَمْ يَنْوِهِ فَلَغْوٌ) وَتَكُونُ كِتَابَتُهُ لِتَجْرِبَةِ الْقَلَمِ أَوْ الْمِدَادِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْكِتَابَةَ صَرِيحَةٌ كَالْعِبَارَةِ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ، (وَإِنْ نَوَاهُ فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ، وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ وَالثَّانِي لَا يَقَعُ لِأَنَّهَا فِعْلٌ وَالْفِعْلُ لَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ، لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَيْتِهِ وَنَوَى الطَّلَاقَ، وَقَطَعَ قَاطِعُونَ بِالْأَوَّلِ وَآخَرُونَ بِالثَّانِي. وَهُمَا فِي الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ لِأَنَّ الْحَاضِرَ قَدْ يَكْتُبُ إلَى الْحَاضِرِ، لِاسْتِيحَائِهِ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ هُمَا فِي الْغَائِبِ وَكِتَابَةُ الْحَاضِرِ لَغْوٌ قَطْعًا لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ وَقِيلَ هُمَا فِي الْحَاضِرِ وَكِتَابَةُ الْغَائِبِ كِنَايَةٌ قَطْعًا وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا الْخِلَافُ لِلْمُخْتَصَرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَوْ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا أَنَّهَا كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيهِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. وَالْهِبَةِ الِانْعِقَادُ، وَفِي النِّكَاحِ الْمَنْعُ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَرْطٌ فِيهِ، وَلَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ وَالْخِلَافُ فِي الْغَائِبِ، وَالْحَاضِرِ كَمَا سَبَقَ، وَكِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ، وَقِيلَ صَرِيحٌ وَلَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِمَا كَتَبَهُ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ قِرَاءَةَ مَا كَتَبَهُ، فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ وَفُرِّعَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ مَسَائِلُ فِيهَا تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ، (فَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّمَا تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ) رِعَايَةً لِلشَّرْطِ، (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (وَهِيَ قَارِئَةٌ فَقَرَأَتْهُ طَلُقَتْ) قَالَ الْإِمَامُ، كَذَلِكَ لَوْ طَالَعَتْهُ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ، وَلَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ تَطْلُقُ بِاتِّفَاقِ عُلَمَائِنَا (وَإِنْ قُرِئَ عَلَيْهَا فَلَا) تَطْلُقُ بِذَلِكَ، (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اطِّلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ وُجِدَ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ.

. فَصْلٌ:

لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا كَأَنْ يَقُولَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمَقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ، لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} إلَى آخِرِهِ، (وَهُوَ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ (فِي الْجَدِيدِ فَيُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ تَطْلِيقُهَا عَلَى فَوْرٍ)، لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ، فَلَوْ أَخَّرَتْهُ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ. (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك، (بِأَلْفٍ فَطَلَّقَتْ بَانَتْ وَلَزِمَهَا أَلْفٌ) وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِالْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ عِوَضٌ، فَهُوَ كَالْهِبَةِ. (وَفِي قَوْلٍ) نُسِبَ إلَى الْقَدِيمِ (تَوْكِيلٌ) بِالطَّلَاقِ (فَلَا يُشْتَرَطُ) فِي تَطْلِيقِهَا، (فَوْرٌ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا نَفْسَهَا بِلَفْظٍ تَأَتِّي بِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَابًا عَاجِلًا. (وَفِي اشْتِرَاطِ قَبُولِهَا) لَفْظًا (خِلَافُ الْوَكِيلِ) الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا لَا يُشْتَرَطُ، وَثَالِثُهَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ نَحْوُ وَكَّلْتُك بِطَلَاقِ نَفْسِك دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ نَحْوُ طَلِّقِي نَفْسَك، (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَهُ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ (قَبْلَ تَطْلِيقِهَا) لِأَنَّ التَّمْلِيكَ وَالتَّوْكِيلَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَالتَّصَرُّفِ، (وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَطَلِّقِي) نَفْسَك (لَغَا عَلَى التَّمْلِيكِ) كَمَا لَوْ قَالَ مَلَّكْتُك هَذَا الْعَبْدَ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَجَازَ عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ بَعْدَ شَهْرٍ. وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ وَأَنَّهُ إذَا نَجَزَهَا وَشَرَطَ لِلْمُتَصَرِّفِ شَرْطًا جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ، (وَلَوْ قَالَ أَبِينِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) عِنْدَ قَوْلِهِمَا الطَّلَاقَ (وَقَعَ)، كَمَا يَقَعُ بِالصَّرِيحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا (فَلَا) يَقَعُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ مَا امْتَثَلَتْ (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك، (فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَتْ أَوْ أَبِينِي) نَفْسَك، (وَنَوَى فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ) الطَّلَاقُ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ لَفْظِهِمَا. (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك، (وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَنَوَتْهُنَّ) بِأَنْ عَلِمَتْ نِيَّتَهُ (فَثَلَاثٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ عَدَدًا (فَوَاحِدَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ حَمْلًا عَلَى مَنْوِيِّهِ، (وَلَوْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (ثَلَاثًا فَوَحَّدَتْ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُوقَعُ فِي الْأُولَى، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ.

. فَصْلٌ:

مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ لَغَا لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ أَجَزْت ذَلِكَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ، (وَلَوْ سَبَقَ لِسَانٌ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ لَغَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ، (وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَصَدَ النِّدَاءَ لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ وَالثَّانِي تَطْلُقُ احْتِيَاطًا، وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ. (وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ طَالِعًا، (فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ) بِاسْمِهَا (فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) بِلِسَانِي (صُدِّقَ) لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، (وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) كَأَنْ تَقُولَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ، أَوْ الدَّلَالِ وَالْمُلَاعَبَةِ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ طَلَّقْتُك، (أَوْ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِذَلِكَ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِقَصْدِهِ إيَّاهُ وَالْهَزْلُ وَاللَّعِبُ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ، وَفِي الْحَدِيثِ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) كَأَنْ لَقَّنَّهُ (لَمْ يَقَعْ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ. (وَقِيلَ إنْ نَوَى) بِهِ (مَعْنَاهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ (وَقَعَ) لِأَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَرَدَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الطَّلَاقِ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا لَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا.
(وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ) لِحَدِيثِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَفَسَّرَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُ الْإِغْلَاقِ بِالْإِكْرَاهِ، (فَإِنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَزَ أَوْ عَلَى طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ عَلَى كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ عَلَى تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ عَلَى أَنْ يَقُولَ سَرَّحْت فَقَالَ طَلُقْت، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَلَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ لِلْإِكْرَاهِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُعْمَلُ، (وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ) عَاجِلًا (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ وَعَجَزَ الْمُكْرَهُ عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِهِ، (وَظَنَّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ وَيَحْصُلُ)، الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَنَحْوِهَا)، كَأَخْذِ الْمَالِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ. (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ) فَلِلتَّخْوِيفِ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، (وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ (قَتْلٌ) أَوْ قَطْعٌ لِطَرَفٍ مَثَلًا، (أَوْ ضَرْبٌ مَخُوفٌ)، أَيْ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ فَالتَّخْوِيفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنك غَدًا (وَلَا تُشْتَرَطُ) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ (التَّوْرِيَةُ بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا)، أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْت فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ. (وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ) مِنْ جَهْلٍ بِهَا أَوْ دَهْشَةٍ أَصَابَتْهُ لِلْإِكْرَاهِ (وَقَعَ) طَلَاقُهُ لِإِشْعَارِ تَرْكِهَا بِالِاخْتِيَارِ وَرُدَّ بِالْمَنْعِ (وَمَنْ أَثِمَ بِمَزِيلِ عَقْلِهِ مِنْ شَرَابٍ، أَوْ دَوَاءٍ نَفَذَ طَلَاقُهُ، وَتَصَرُّفُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ قَوْلًا وَفِعْلًا) كَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِسْلَامِ، وَالرِّدَّةِ وَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي قَوْلٍ لَا) يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَهْمٌ وَقَصْدٌ صَحِيحٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْفَهْمِ وَالْقَصْدِ، يَكْفِي فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ، إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ (وَقِيلَ) يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (عَلَيْهِ) كَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَالضَّمَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ دُونَ تَصَرُّفٍ لَهُ كَالنِّكَاحِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصَّ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ وَنُقِلَ عَنْهُ فِي ظِهَارِهِ قَوْلَانِ عَنْ الْقَدِيمِ طَرْدًا فِي غَيْرِهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، وَفِي تَصَرُّفَاتِ مَنْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِغَيْرِ تَدَاوٍ وَنَفَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمَنْعِ، وَطَرَدَ الْآخَرَ فِي جِنْسِ الْمَنْصُوصِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي عَلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ عَمَّنْ لَمْ يَأْثَمْ بِمَا ذَكَرَ، كَمَنْ أَجَّرَ مُسْكِرًا أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ تَنَاوَلَ دَوَاءً مُجَنِّنًا بِقَصْدِ التَّدَاوِي، وَيُرْجَعُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا انْتَهَى تَغَيَّرَ الشَّارِبُ إلَى حَالَةٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّكْرَانِ عُرْفًا، فَهُوَ مَحِلُّ الْكَلَامِ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ وَحَقَّقَ الْإِمَامُ، فَقَالَ شَارِبُ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إحْدَاهَا هِزَّةٌ وَنَشَاطٌ إذَا دَبَّتْ الْخَمْرُ فِيهِ، وَلَمْ تَسْتَوْلِ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ نِهَايَةُ السُّكْرِ، وَهِيَ أَنْ يَصِيرَ طَافِحًا يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَكَادُ يَتَحَرَّكُ، وَالثَّالِثَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ أَنْ تَخْتَلِطَ أَحْوَالُهُ فَلَا تَنْتَظِمُ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ وَيَبْقَى تَمْيِيزٌ وَكَلَامٌ وَفَهْمٌ فَهَذِهِ الثَّالِثَةُ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَيَنْفُذُ الطَّلَاقُ فِيهَا قَطْعًا لِبَقَاءِ الْعَقْلِ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا يَنْفُذُ فِيهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّسَبُّبِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَوْفَقُ لَا طَلَاقُ الْأَكْثَرِينَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ.
(وَلَوْ قَالَ رُبُعُك أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ كَبِدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفُرُك) أَوْ سِنُّك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك (طَالِقٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ قَطْعًا بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ وَقِيلَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا، فِيمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ، فَقُطِعَتْ يَمِينُهَا ثُمَّ دَخَلَتْ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، (وَكَذَا دَمُك) طَالِقٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ كَفَضْلَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (لَا فَضْلَةَ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) كَأَنْ قَالَ رِيقُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، (وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ) كَأَنْ قَالَ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك طَالِقٌ، فَإِنَّهُمَا لَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَقَعُ بِهِمَا لِأَنَّ أَصْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا الدَّمُ وَدُفِعَ بِأَنَّهُمَا تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ فَأَشْبَهَا الْفَضْلَةَ، (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالثَّانِي فِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ تَخْرِيجًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْوُقُوعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ، أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِتَنْتَظِمَ الْإِضَافَةُ.
(وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا وَيَلْزَمُهُ صَوْنُهَا فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِحِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي. لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ، (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا) تَطْلُقُ لِأَنَّ اللَّفْظَ كِنَايَةٌ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ) مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ (إضَافَتَهُ إلَيْهَا) لَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا مَحِلُّ الطَّلَاقِ وَقَدْ أُضِيفَ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحِلِّهِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِوُجُودِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعَرُّضِ لِلْمَحَلِّ (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ اُشْتُرِطَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَفِي الْإِضَافَةِ) إلَيْهَا (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الِاشْتِرَاطُ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ مُضَافًا إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَوْ قَالَ أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك فَلَغْوٌ) وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ فِي نَفْسِهِ وَالْكِنَايَةُ شَرْطُهَا احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ، (وَقِيلَ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ) وَالْمَعْنَى أَسْتَبْرِئ الرَّحِمَ الَّتِي كَانَتْ لِي.

. فَصْلٌ:

خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ، (وَتَعْلِيقُهُ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ) كَقَوْلِهِ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَغْوٌ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى الْمَحِلِّ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ إنْ عَتَقْت أَوْ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ، (فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَتْ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَنْجِيزَهَا، فَلَا يَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا فَيَقَعُ فِيمَا ذَكَرَ طَلْقَتَانِ (وَيَلْحَقُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيَّةً) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمُلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا مُخْتَلِعَةً) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا، (وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ) مَثَلًا (فَبَانَتْ) بِطَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ إنْ) كَانَتْ (دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِيهَا (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (إنْ لَمْ تَدْخُلْ) فِي الْبَيْنُونَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ، وَالثَّانِي يَقَعُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُوجَدَ قَبْلَهُ (وَفِي ثَالِثٍ يَقَعُ إنْ بَانَتْ بِدُونِ ثَلَاثٍ) لِأَنَّهَا لِعَوْدِهَا بِبَاقِي الثَّلَاثِ تَعُودُ بِصِفَتِهِ مِنْ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ بِثَلَاثٍ فَلَا يَقَعُ لِاسْتِيفَائِهِ بِالثَّلَاثِ مَا عَلَّقَ،
(وَلَوْ طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَمْ يَدْخُلْ (وَإِنْ ثَلَّثَ) أَيْ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَجَدَّدَ بَعْدَ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا وَفَارَقَهَا، (عَادَتْ بِثَلَاثٍ) كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ نِكَاحَهَا (وَلِلْعَبْدِ طَلْقَتَانِ فَقَطْ وَلِلْحُرِّ ثَلَاثٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ أَمَةً وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ، (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) كَمَا يَقَع فِي صِحَّتِهِ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ (فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ) لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَصِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا، كَمَا سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ (لَا بَائِنٌ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ (وَفِي الْقَدِيمِ تَرِثُهُ) لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ حِرْمَانَهَا مِنْ الْإِرْثِ فَيُعَاقَبُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الطَّلَاقَ بِأَنْ سَأَلَتْهُ أَوْ اخْتَلَعَتْ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْهُ لَمْ تَرِثْ جَزْمًا.

. فَصْلٌ:

قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ (وَقَعَ) مَا نَوَاهُ، (وَكَذَا الْكِنَايَةُ) إذَا نَوَى فِيهَا عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا كَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ، (وَنَوَى عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (وَقِيلَ الْمَنْوِيُّ) عَمَلًا بِالنِّيَّةِ وَصَحَّحَ الثَّانِي فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ فِيهِ رَجَّحَ، (قُلْت وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ (وَنَوَى عَدَدًا فَالْمَنْوِيُّ) حَمْلًا لِلتَّوَحُّدِ عَلَى التَّفَرُّدِ عَنْ الزَّوْجِ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّفْظِ، (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ التَّطْلِيقُ بِوَاحِدَةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ قَبْلَ وَاحِدَةٍ طَالِقٌ فَفِيهِ الْخِلَافُ، (وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٍ لَمْ يَقَعْ) لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحِلِّ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ لِقَصْدِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ)، كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ الَّذِي صَادَفَ الْحَيَاةَ (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يُفْصَلُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُعْطَى بَعْضُهُ حُكْمَ كُلِّهِ وَحَقَّقَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ فَقَالَ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ)، بَيْنَ هَذِهِ الصِّيَغِ كَأَنْ سَكَتَ بَيْنَهَا فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهَا (فَثَلَاثٌ) فَإِنْ قَالَ أَرَدْت التَّأْكِيدَ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فَصْلٌ (فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا) بِمَا بَعْدَ الْأُولَى لَهَا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ وَالتَّكْرَارُ مِنْ وُجُوهِ التَّأْكِيدِ (أَوْ اسْتِئْنَافًا فَثَلَاثٌ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مُحْتَمِلٌ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ.
(وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا فَلَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ، (فَثِنْتَانِ أَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى) مَعَ الِاسْتِئْنَافِ بِالثَّانِيَةِ (فَثَلَاثٌ فِي الْأَصَحِّ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ، وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا ثِنْتَانِ لِأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ يَحْتَمِلُ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ) لِتَسَاوِيهِمَا (لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي) لِاخْتِصَاصِ الثَّانِي بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (وَهَذِهِ الصُّوَرُ فِي مَوْطُوءَةٍ فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ)، لِأَنَّهَا تَبِينُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ أَيْ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. (وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَدَخَلَتْ فَثِنْتَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مُعَلَّقَتَانِ بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ نَجَزَ وَلَوْ أَخَرَّ الشَّرْطَ فَقِيلَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ يُقْطَعُ بِوُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الشَّرْطِ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ (وَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ) مَعًا وَقِيلَ مُرَتَّبًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الْأَصَحِّ) فِعْلُ الْمَعِيَّةِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعَلَى التَّرْتِيبِ وَاحِدَةٌ تَبِينُ بِهَا. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ وَطَلْقَةٌ فِي غَيْرِهَا) تَبِينُ بِهَا لِلتَّرْتِيبِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَكَذَا) أَيْ يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا، (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا وَقِيلَ لَا يَقَعُ فِي مَوْطُوءَةٍ إلَّا وَاحِدَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بَعْدَ طَلْقَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِي أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ تَقَعُ الْمُنْجَزَةُ أَوَّلًا وَتَعْقُبُهَا الْمُضَمَّنَةُ وَيَلْغُو ذِكْرُ بَعْدُ وَقَبْلُ.
وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وُقُوعُ الْمُضَمَّنَةِ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُنْجَزَةُ وَعَلَى هَذَا قِيلَ يَقَعُ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ ثِنْتَانِ وَيَلْغُو ذِكْرُ بَعْدُ وَقَبْلُ وَكَأَنَّهُ قِيلَ طَلْقَتَيْنِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) وَلَفْظَةُ فِي تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اُدْخُلُوا فِي أُمَمٍ}، (أَوْ الظَّرْفِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقَّقُ فِي الْإِطْلَاقِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ) مِمَّا ذَكَرَ مِنْ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ الظَّرْفُ أَوْ الْحِسَابُ أَوْ عَدَمُ شَيْءٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَفْظَةُ نِصْفٍ الثَّانِيَةِ مَكْتُوبَةٌ فِي هَامِشِ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ خَطِّهِ وَهِيَ صَوَابٌ كَمَا ذَكَرْت فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ، إذْ لَوْ أُسْقِطَتْ وَأُرِيدَ الْمَعِيَّةُ وَقَعَ طَلْقَتَانِ كَمَا فِي الشَّرْحِ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَقَصَدَ مَعِيَّةً فَثَلَاثٌ أَوْ ظَرْفًا فَوَاحِدَةٌ أَوْ حِسَابًا وَعَرَفَهُ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّهُمَا مُوجِبُهُ، (وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ) عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ، (فَطَلْقَةٌ وَقِيلَ ثِنْتَانِ) لِقَصْدِهِ مَعْنَى الْحِسَابِ وَضُعِّفَ بِأَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ، (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقُ (وَفِي قَوْلٍ ثِنْتَانِ إنْ عَرَفَ حِسَابًا) حَمْلًا عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ) فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ وَوُقُوعُ الطَّلْقَةِ بِذِكْرِ بَعْضِهَا مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ) يَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَقِيلَ طَلْقَتَانِ نَظَرًا إلَى نِصْفِ كُلِّ طَلْقَةٍ , (وَ) أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ، (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ) يَقَعُ بِهِ (طَلْقَتَانِ) نَظَرًا فِي الْأُولَى إلَى زِيَادَةِ النِّصْفِ الثَّالِثِ عَلَى الطَّلْقَةِ فَيُحْسَبُ مِنْ أُخْرَى وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ فِيهِمَا إلَّا طَلْقَةً إلْغَاءٌ لِلزَّائِدِ فِي الْأُولَى وَنَظَرًا فِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّ الْمُضَافَيْنِ مِنْ أَجْزَاءِ الطَّلْقَةِ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) لَا طَلْقَتَانِ لِانْتِفَاءِ تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ لِانْتِفَاءِ الْعَطْفِ (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ) لِأَنَّ مَا ذَكَرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةً أَوْ بَعْضَهَا فَتَكْمُلُ (فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ وَقَعَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ (فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ)، كَمَا يَقَعُ فِي وَاحِدَةٍ، وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْفَهْمِ، (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بَيْنَكُنَّ بَعْضَهُنَّ) أَيْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ مَثَلًا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي شَرِكَتَهُنَّ وَيَدِينُ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ بَيْنَكُنَّ لِمَا أَرَادَ بِخِلَافِ عَلَيْكُنَّ، فَلَا يُقْبَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بَعْضَهُنَّ جَزْمًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ) أَوْ مِثْلُهَا (فَإِنْ نَوَى) بِذَلِكَ طَلَاقَهَا (طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، (وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ) أَيْ قَالَ لَهَا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا فَإِنْ نَوَى طَلَاقَهَا بِذَلِكَ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِمَا ذَكَرَ.